كعادتي..عند تعاملى مع أى جديد له علاقة بثورة الاتصالات والتقنيات أتردد..آخذ وقتي لكي أعرف هل هناك مايستوجب دخولى معمعانه أم أن الأفضل أن أتراجع وأعود إلى قواعدي سالمة دون خسائر فى الأرواح..على نفس القاعدة تعاملت مع الفيس بوك عندما دعتنى أحد الصديقات منذ مايقارب العام لأدخل هذا المكان الجديد.. أجلت استجابتى للدعوة بعض الشيء خاصة بعد أن قرأت مقالات عدة لم يكن أكثرها يمتدح عالم الفيس بوك المفتوح بلا أبواب ولا نوافذ..بعد فترة وبالتحديد بعد أن شاهدت حلقة من حلقات برنامج العاشرة مساءاً خصصت للفيس بوك وأهله والحالة الاجتماعية العنكبوتية الجديدة التى استحدثها قررت أن أطرق الباب وأدخل بدافع الفضول..
لا أخفيكم قولاً أن تسجيلى ودخولي الأولى لم يكن مبشراً..وجدت عالماً مزدحماً لم أعرف لى فيه أولاً من آخر..كان التيه يفتح ذراعيه لحروفي ويدفع بي إلى الخروج من نفس الباب الذى دخلت منه وكانت صدمتى كبيرة حين قررت صديقة عنكبوتية فسخ صداقتها بي لمجرد أنها عرفت أنى أضفت أحد أعدائها الذي لم أعرف حتى الآن على وجه التحديد سبب خلافهما القوي الذي جعلته سبباً للتخلي عن صداقة واحدة ليس لها لا فى الثور ولا فى الطحين لمجرد أن رأت اسم من تكره بين أصدقائها.. ولأن الموضوع برمته سبب لى إزعاجاً ما لأنى لست طرفاً فى أى خلافات عنكبوتية آثرت السلامة وأوقفت حسابي نفوراً من المكان وانفتاحه الذى لايحفظ خصوصية لأحد إلا لماماً…
عدت ثانية إلى مدونتى المتواضعة التى أعتبرها بيتى العنكبوتي والمواقع التى أحب أن أمارس فيها فعل الكتابة بلاتشويش على أفكارى وكلماتي التى أنثرها عبر الفضاء الالكتروني..على مر الأيام بدأت المقالات تنهال عن الفيس بوك..
عن فاعليته وتفاعله وربطه بين الواقع والافتراض بل وتحوله إلى جزيرة واقعية داخل الأمواج الافتراضية..ظللت قابعة فى أماكنى التى اخترت ألقي بسمعي ويصري هنا وهناك دون أن أقدم على إعادة المحاولة..حتى جاء يوم السادس من إبريل وحدث ما حدث..وبعيداً عن الحوارات ووجهات النظر سياسية أحسست أن تأثير الفيس بوك لم يحتجز خلف قضبان السطحية واللقاءات العابرة والفساد الذى أوحت به بعض الآراء الإعلامية للسلطات حتى أن بعض الأنظمة فكرت جدياً في غلق الفيس بوك فى وجه أبنائها منعاً للفتن والأمراض التى من الممكن أن تصيبهم من جراء انخراطهم فيه..أحسست أنه كأى مكان طيبه طيب وخبيثه خبيث ومرتاده هو الذى يحدد اختياراته وميوله وأين يجب أن يضع قدمه ومن أين ينزعها ..حينئذ دخلت بقلب وفكر جديدين..
بدأت فى اختيار الأصدقاء..صحيح أنك قد تضطر لإضافة قليلين ممن لاتعرفهم لكنك تستطيع أن تبحث عنهم وأن تدخل إلى صفحاتهم التعريفية وتشاهد أصدقاءهم لتعرف مبدئياً مدى توافقك معهم وهل توافق على الصحبة أم لا..وأذكر أن أحد الاصدقاء الذين أعتز بهم أرسل لى رسالة يحذرنى من تواجدى فى الفيس بوك ضمنياً ويطلب منى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحمايتى وكان هو نفسه من أعضاء المكان.وربما من الخبراء به لذا آثر أن ينبهنى قبل قرار استمراريتى..ورغم أنى مازلت أحمل له الكثير من الشكر فى نفسي لكنى لم أجد خطورة فى الفيس بوك أعظم من تلك التى نقابلها على فى المنتديات والمدونات ومواقع الحوار وحتى البريد الإلكتروني اللهم إلا أن أكثرية من يرتادون الفيس بوك ينزعون أقنعتهم على بابه ويدخلون إليه بوجوههم الحقيقية ومعلوماتهم الشخصية لكن حتى هذه ليست شرطاً للبقاء فى الفيس بوك فلو شئت تستطيع ارتداء قناعك الذى تختار والتعامل من ورائه ..وعليه فلم أجد شيئاً جديداً يدفعنى للخوف من المكان..
المجموعات على الفيس بوك تمتاز بالتنوع والحركة والحيوية والتجدد من ساعة إلى أخرى وأظن أن هذه الميزة هى التى أججت الحس السياسي لدى الشباب وجعلته فاعلاً لا متكلماً فحسب..هناك أيضاً إمكانية لربط مدونتك بالفيس بوك وبها تنشر إدراجاتك أوتوماتيكياً بمجرد نشرها بمدونتك دون الحاجة إلى تكرار الكتابة على حوائطه..وبهذا يربط الفيس بوك أحداثه بما يحدث خارجه إضافة إلى اختصاره مسافة السفر بين أرض الواقع وارض الافتراض بلعبه دور الوسيط المشترك الذي يجمع الاثنين فى مساحاته.